المفكر والناقد محمود أمين العالم: "جوهر القضية العربية يتمثل في غياب الغاية المجتمعية العامة"

صرح المفكر والناقد محمود أمين العالم، الذي حصل مؤخراً على جائزة ابن رشد العالمية للفكر الحر لعام 2001، بأن ما يشار اليه بالأزمة الثقافية في المجتمعات العربية يجسد في حقيقة الأمر "أزمة علاقات، لا أزمة موجودات".وفي حديثه الى (الرياض) قال محمود امين العالم، الذي يتسلم جائزة ابن رشد للفكر الحر في احتفالية كبرى تقام بمقر بيت الآداب ببرلين بألمانيا: الجوهر دائماً في الازمات وغيرها هو العلاقات وليست الموجودات. وباختلاف طبيعة العلاقات، تختلف طبيعة الموجودات.. بل توجد الموجودات، وباختلاف طبيعة العلاقات، تختلف طبيعة التواصل. والتواصل علاقة، وانعدام التواصل علاقة كذلك. والمجتمع مجموعة علاقات، والسلطة علاقة قوة مع هذا المجتمع. ولهذا فالقضية الحقيقية هي طبيعة العلاقة السائدة بين السلطة والمجتمع.ويرى محمود امين العالم ان جوهر القضية العربية يتمثل في غياب الغاية المجتمعية العامة الواجب التحرك نحوها. ويقول: ان غياب هذه الغاية يؤدي الى انتفاء الهوية، بل وتصبح الهوية هي (البحث عن الهوية) في الماضي التراثي البعيد، او في تمثلها للآخر القوي، او في الفردية العدمية المطلقة!هذا وقد جاءت حيثيات فوز محمود العالم بجائزة ابن رشد لهذا العام لإسهاماته الفكرية والتحليلية ودعمه للنقاش الحر والجدل الديمقراطي العقلاني في العالم العربي، ولإثرائه المكتبة العربية بعشرات المؤلفات المهمة والتي تناولت بالنقد والتحليل البيئة الفكرية العربية. وبالنسبة لمؤسسة ابن رشد، فهي مؤسسة عربية مستقلة ومسجلة في المانيا، تسعى لدعم ونشر قيم الحرية والديمقراطية في العالم العربي، ويرأسها نبيل بشناق وهو من اصل فلسطيني، وتعتمد في تموليها على المساهمات الذاتية لأعضائها من ذوي الاصول العربية.وقد تكونت لجنة التحكيم بها من الكاتب الدكتور برهان عليون( من سوريا) والناقدة فريدة النقاش ( من مصر) والكاتب الدكتور عزيز العظمة ( من سوريا).وأوضحت مؤسسة ابن رشد في بيان لها ان محمود العالم هو احد اصحاب "الجهود الفكرية الخلاقة" في الوطن العربي. واشارت الى ان العالم الذي يشرف حالياً على إصدار كتاب ثقافي غير دوري بعنوان "قضايا فكرية" من اجل تأصيل العقلانية والديمقراطية والإبداع قد ساهم عبر العديد من الاصدارات والدراسات والمحاضرات في وضع الملامح الاولى لمشروع حضاري عربي كافح من اجله وكرس له قسطا كبيرا من حياته فكراً وممارسة.وبمناسبة فوزه بالجائزة، سوف يلقي محمود العالم محاضرة عن ابن رشد يركز فيها على نقطتين في مشروعه، وهما العقلانية والحرية. وينطلق منهما الى مناقشة الاوضاع التي يتعرض لها العالم حالياً. كما يلقي محاضرة اخرى بجامعة برلين الحرة حول "الفلسفة والتكنولوجيا".ومن ناحية أخرى يسعى محمود امين العالم خلال وجوده بألمانيا لدعوة عدد من المفكرين هناك للاشتراك بمقالات في عدد ينوي إصداره من مجلة "قضايا فكرية" حول محور "العولمة البديلة" كما يغادر ألمانيا الى فرنسا للاتصال ببعض المثقفين فيها للغرض نفسه.هذا ومن آراء المفكر والناقد الكبير محمود العالم اننا نواجه حالياً عولمة رأسمالية تحتكر وتسيطر وتعظم الربح وتهيمن، والخطر الاكبر يكون على المستهلكين، والنتيجة هي سيادة بعض القيم غير المقبولة، فالعولمة ليست لمصلحة كل شعوب العالم، ولكنها تفيد ثماني دول كبرى فقط.. وهي الدول التي تريد هيكلة العالم كله لمصلحتها. وفي تصوره ان المعركة الآن تتمثل في هوية ثقافية يجب الا تزول مع العولمة او تتعارض معها، بل تعمقها وتحررها من الداخل.ويتصور محمود العالم ان العقل العربي كأي عقل في الدنيا له قدرته على الإبداع والكفاءة والتقدم، ولكن تبدو هناك ظروف معينة تجعله متخلفاً، فهو ليس متخلفاً في ذاته، ولكن الظروف تمنعه من التحرك. والعقل العربي يجب إبداله الى تعبير فكر عربي، لانه من الافضل ان يتحول العقل الى فكر وممارسة. وهنا تختلف الممارسات، فهناك ممارسات عقلانية واخرى جامدة، وهناك قوى معادية للقمم الفكرية، تتفق جميعها مع توجهات نظام عالمي يريد ان يبسط العالم لمصلحته، ويجعله مسطحاً باتجاه واحد يخدم مصالحه.وفي النهاية يقول حمود امين العالم بلهجة التفاؤل: "أعتقد وأثق بأنه في اعماق هذه الصورة القاتمة، هناك أصداء لحوارات إبداعية تتم، تتخلق وتسعى لتنسج الرؤية الجديدة والمشروع الجديد. انها لا تبدأ من الصفر، وانما هي امتداد تاريخي متجدد لكل المجاهَدات والتضحيات والاشواق التي تجهض دائماً ولكن لا تتوقف قيامتها، ولا ينتهي تجددها أبداً.

مواضيع مشابهة قد تفيدك:

جميع الحقوق محفوظة لــ إيمان 2015 ©

تم الكشف عن مانع الإعلانات

المرجو تعطيل مانع الإعلانات لتتمكن من متابعة تصفح الموضوع